الله واحد في ثلاثة أقانيم - تميز الأقانيم
تميز الأقانيم
أقانيم اللاهوت الثلاثة متحدون في الجوهر واللاهوت، ولكل أقنوم كامل صفات اللاهوت، أي أزلي وأبدي وغير محدود كلي القدرة والعلم والسلطان والقداسة. ولكن الأقانيم متميـزون، أي أن لكل أقنوم بعـض أعمال خاصة لا نستطيـع أن ننسبها إلى الأقنومين الآخرين. فهناك تميز واتحاد ولكن ليس هناك امتزاج أي لا نستطيع أن نقول أن الابن هو الآب ولا الآب هو الابن، مع أن الابن والآب واحد.
وواضح جداً من الكتاب أن أقنوم الابن هو الذي جاء إلى العالم متجسداً مرسلاً من الآب ليتم عمل الفداء بموته الكفاري على الصليب، فمكتوب "فِي هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا"(1يوحنا4: 10). و "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبديةُ" (يوحنا 3: 16). "وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ" (غلاطية 4: 4). والابن يقول "خَرَجْـتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إلى الْعَالَمِ وَأيضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إلى الآبِ" (يوحنا 16: 28). فالآب هو الذي أرسل الابن، وهو الذي بذله لأجلنا وهو الذي قدمه كفارة عن خطايانا. والابن هو الذي خرج من عند الآب، وهـو الذي جاء إلى هذا العالـم مولودا من عذراء، وهو الذي مات على الصليب حاملا قصاص خطايانا. ولا نستطيع أن ننسب إلى الابن ما اختص به الآب. ولا ننسب إلى الآب ما اختص به الابن فنقول مثلاً أن الآب تجسد وأتى إلى العالم مولوداً ومات على الصليب. هذا خطأ محض لأن الذي تجسد هو أقنوم الابن فقط. ولا يجوز أن نقع في هذا الخلط في الكلام أو في الصلاة، ولو عن طريق السهو.
والروح القدس جاء إلى العالم في يوم الخمسين مرسلاً من الآب والابن، جاء بلاهوته غير متجسد ليشهد للابن وليسكن في جميع المؤمنين بعد أن ولدهم ولادة ثانية في كل الأجيال وفي كل مكان في العالم وهذا دليل على لاهوته غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان.
ومن اختصاص الابن أيضاً أن يدين الأشرار، الأحياء والأموات لأنه هو الذي أكمل الفداء على الصليب. ومما يبين هذا التميز بوضوح قول الوحي "الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن لكي يكرم الجمـيع الابن كما يكرمـون الآب"(يوحنا 5: 22).
ومن سخف القول أن هذا التميز يعني انقساماً أو تجزيئاً في اللاهوت وسبق أن أوضحنا الرد على هذا الاعتراض لأن اللاهوت واحد غير محدود لا يدرك ولا ينقسم لأنه لا تركيب فيه. ولكن التميز هو في الأقانيم أو تعينات الله المتحدة في الجوهر بغير انقسام أو امتزاج.
ومن سخف القول أيضاً أنه إذا كان الله قد تجسد ونزل من السماء إلى هذا العالم فهل كانت السماء خالية في مدة التجسد؟ ومن الذي كان يدير الكون في تلك المدة؟ والخطأ كله يرجع إلى تطبيق ما للكائنات المحدودة التي تقع تحت حِسِّنا وبصرنا على الله غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان من الأزل وإلى الأبد، وبتطبيق أقيسة المحدود على الله غير المحدود.
(*) لا يمكن الاعتراض على استعمال صيغة الجمع بأنها صيغة تعظيم الذات لأن هذه الصيغة لا توجد في اللغة العبرية التي كتبت بها التوراة بدليل أن أقوال الملوك المدونة في التوارة هي بصيغة المفرد "أنا فرعون"، "أنا نبوخذ نصر". فضلاً عن ذلك فإن الله العظيم لا يحتاج إلى تعظيم ذاته.
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- جميع الصفحات
- عدد الزيارات: 36790