الأَصْحَاحُ السَّابِعُ
1وكانَ يسوعُ يتردَّدُ بعدُ هذا في الجليلِ. لأنَّهُ لم يُرِدْ أن يتردَّدَ في اليهوديةِ لأنَّ اليهودَ كانوا يطلبونَ أن يقتلُوهُ.
2وكانَ عيدُ اليهودِ عيدُ المظالِّ قريباً. 3فقالَ لهُ إخوتُهُ انتَقِلْ من هنَا واذهبْ إلى اليهوديةِ لكي يرَى تلاميذُكَ أيضاً أعمالكَ التي تعملُ. 4لأنهُ ليسَ أحدٌ يعملُ شيئاً في الخفاءِ وهو يريدُ أن يكونَ علانيةً. إن كنتَ تعملُ هذِهِ الأشياءَ فأظْهِرْ نفسَكَ للعالمِ. 5لأنَّ إخوتَهُ أيضاً لم يكونُوا يؤمنونَ بِهِ. 6فقالَ لهم يسوعُ إن وقتي لم يحضر بعدُ. وأمَّا وقتُكُم ففي كلِّ حينٍ حاضرٌ. 7لا يقدرُ العالمُ أن يبغضَكُم ولكنهُ يبغضني أنا لأني أشهدُ عليهِ أن أعمالَهُ شريرةٌ.
--------------------------
(61:6) من يعلم سرائر الناس وأفكارهم إلا الله وحده؟ لذلك يقول القرآن مثبتا: "وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون" (الإنعام 3). هنا يعلم القرآن أن علم الغيب وسرائر الناس أمر خاص بالله وحده.كما انه أقر وثبت في سورة آل عمران 49 أن المسيح ملك نفس تلك القدرة التي أنكرها الله على جميع الرسل والأنبياء بلا استثناء وذلك ليبرهن عن أن الرب يسوع المسيح هو الله الحي القيوم.
8اصعدُوا أنتم إلى هذا العيدِ. أنا لستُ أصعدُ بعدُ إلى هذا العيدِ لأنَّ وقتي لم يُكْمَلْ بعدُ. 9قالَ لهم هذا ومكثَ في الجليلِ.
10ولما كانَ إخوتُهُ قد صعدُوا حينئذٍ صعدَ هوَ أيضاً إلى العيدِ لا ظاهراً بل كأنهُ في الخفاءِ. 11فكانَ اليهودُ يطلبونَهُ في العيدِ ويقولونَ أينَ ذاكَ. 12وكانَ في الجموعِ مناجاةٌ كثيرةٌ من نحوِهِ. بعضُهُم يقولونَ إنَّهُ صالحٌ. وآخرونَ يقولونَ لا بل يضلُّ الشعبَ. 13ولكن لم يكن أحدٌ يتكلَّمُ عنهُ جهاراً لسببِ الخوفِ من اليهودِ.
14ولما كانَ العيدُ قد انتصفَ صعدَ يسوعُ إلى الهيكلِ وكانَ يعلِّمُ. 15فتعجَّبَ اليهودُ قائلينَ كيفَ هذا يعرفُ الكتبَ وهو لم يتعلَّم. 16أجابهم يسوعُ وقالَ تعليمِي ليسَ لي بل للذي أرسلني. 17إن شاءَ أحدٌ أن يعملَ مشيئتَهُ يعرفُ التعليمَ هل هو من اللهِ أم أتكلّمُ أنا من نفسِي. 18من يتكلّمُ من نفسِهِ يطلبُ مجدَ نفسِهِ. وأما من يطلبُ مجدَ الذي أرسلهُ فهو صادقٌ وليسَ فيهِ ظلمٌ. 19أليسَ موسَى قد أعطاكم الناموسَ وليسَ أحدٌ منكُم يعملُ الناموسَ. لماذا تطلبونَ أن تقتلونِي.
20أجابَ الجمعُ وقالوا بكَ شيطانٌ. من يطلبُ أن يقتلَكَ. 21أجابَ يسوعُ وقالَ لهم عملاً واحداً عملتُ فتتعجَّبونَ جميعاً. 22لهذا أعطاكم موسَى الختانَ. ليسَ أنَّهُ من موسَى بل من الآباءِ. ففي السبتِ تختنونَ الإنسانَ. 23فإن كانَ الإنسـانُ يقبلُ الختـانَ فـي السبتِ لئَـلاّ يُنقـضَ نامــوسُ موسَـى
--------------------------
(15:7) لقد أدهش المسيح جميع علماء عصره بمعرفته الفائقة للتوراة. فهو لم يتلُ آيات التوراة عن ظهر قلب فحسب بل فسَّر معانيها وفكَّ ألغازها وعلَّم أسسها بكل سلطان. والذي حير عقول فقهاء عصره أنهم عَلِمُوا بأنه لم يحصل على علومه من أية مؤسسة دراسية. فتساءلوا بتعجب وحيرة: كيف حصل إذاً على كل تلك المعرفة السامية؟ جاء القرآن لكي يثبت هذه الحقيقة المدهشة عن المسيح قائلا: "تُكَلِّمُ الناسَ في المهدِ"(المائدة 110)، ومن استطاع بحسب القرآن أن يتكلم وهو طفل في المهد دون أن يكون بحاجة كباقي الناس إلى شهور وسنين كي يتعلم الكلام ويعقل؟ فالإنسان لا يحتاج إلى ولادة عذراوية، ولو كان السيد المسيح إنسانا اعتياديا لكانت الولادة العذراوية بلا معنى، ولكن الله لا يمكن أن يولد تناسليا، لذلك وُلد من عذراء فالولادة العذراوية لم تصنع من المسيح إلها، بل لكونه الإله الحي القيوم، استطاع أن يولد ولادة طاهرة، ولانه العالم بكل شيء لم يحتج كي يعلمه أحد الكلام أو التعقل. لذلك أدهش الناس بكلامه وتعليمه.
أفتسخطونَ عليَّ لأني شفيْتُ إنساناً كلَّهُ في السبتِ. 24لا تحكمُوا حسبَ الظّاهِرِ بل احكمُوا حكماً عادلاً.
25فقالَ قومٌ من أهلِ أورشليمَ أليسَ هذا هو الذي يطلبونَ أن يقتلُوهُ. 26وها هو يتكلَّمُ جهاراً ولا يقولونَ لهُ شيئاً. ألعَلَّ الرؤساءَ عرفُوا يقيناً أن هذا هو المسيحُ حقَّاً. 27ولكنَّ هذا نعلمُ من أينَ هو. وأمَّا المسيحُ فمتى جاءَ لا يعرفُ أحدٌ من أينَ هو.
28فنادَى يسوعُ وهو يعلِّمُ في الهيكلِ قائلاً تعرفونَني وتعرفونَ من أينَ أنا ومن نفسِي لم آتِ بل الذي أرسلني هو حقٌّ الذي أنتم لستُم تعرفونَهُ. 29أنا أعرفُهُ لأني منهُ وهو أرسلني. 30فطلبُوا أن يمسكوهُ. ولم يلقِ أحدٌ يداً عليهِ لأنَّ ساعتَهُ لم تكنْ قد جاءَتْ بعدُ. 31فآمنَ بهِ كثيرونَ من الجمعِ وقالُوا ألعَلَّ المسيحَ متَى جاءَ يعملُ آياتٍ أكثرَ من هذِهِ التي عملَهَا هذا.
32سمعَ الفريسيونَ الجمعَ يتناجَوْنَ بهذا من نحوهِ فأرسلَ الفريسيونَ ورؤساءُ الكهنةِ خداماً ليمسكوهُ. 33فقالَ لهم يسوعُ أنا معكُم زماناً يسيراً بعدُ ثمَّ أمضِي إلى الذي أرسلني. 34ستطلبونَني ولا تجدونَني وحيثُ أكونُ أنا لا تقدرونَ أنتُم أن تأتُوا. 35فقالَ اليهودُ فيما بينهُم إلى أينَ هذا مزمعٌ أن يذهبَ حتى لا نجدَهُ نحنُ. ألعَلَّهُ مزمعٌ أن يذهبَ إلى شتاتِ اليونانيينَ ويعلِّمَ اليونانيينَ. 36ما هذا القولُ الذي قالَ ستطلبونَني ولا تجدونَني وحيثُ
--------------------------
(34:7) جاء على لسان الله في سورة آل عمران 48 قائلا: "يا عيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا." كتب الرازي في تفسيره لكلمة "ورافعك إليّ" قال: "إن المراد بالرفع إلى محل كرامة الله، وجعل ذلك رفعا إليه للتفخيم والتعظيم. والمراد "بمطهرك" مخرجك من بين الذين كفروا. وكما عظم شأنه بلفظ الرفع إليه اخبر عن معنى التخليص بلفظ التطهير وكل ذلك يدل على المبالغة في إعلاء شأنه وتعظيم منصبه عند الله." ومَن مِن الأنبياء كلهم حصل على تلك المبالغة من الإعلاء والتعظيم أو استحقه؟ وان نظرت إلى كل الأنبياء والرسل، لن تجد نبيا أو رسولا يستحق المبالغة في الإعلاء إلا يسوع وحده، الذي لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله، بل أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس، وإذْ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب، وبعد قيامته في اليوم الثالث ارتفع إلى الأعالي وأخذ اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة مما في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب (فيلبي 6:2-11). إذاً كل ذلك الإعلاء والتعظيم هو من حق الله وحده.
أكونُ أنا لا تقدرونَ أنتُم أن تأتُوا.
37وفي اليومِ الأخيرِ العظيمِ من العيدِ وقفَ يسوعُ ونادَى قائلاً إن عطشَ أحدٌ فليُقْبِلْ إليَّ ويشربْ. 38من آمنَ بي كمَا قالَ الكتابُ تجري من بطنِهِ أنهارُ ماءٍ حيٍّ. 39قالَ هذا عن الروحِ الذي كانَ المؤمنونَ بِهِ مزمعينَ أن يقبلوهُ. لأن الروحَ القدسَ لم يكنْ قد أُعطِيَ بعدُ. لأن يسوعَ لم يكنْ قد مُجِّدَ بعدُ. 40فكثيرونَ من الجمعِ لما سمعُوا هذا الكلامَ قالُوا هذا بالحقيقةِ هو النَّبيّ. 41آخرونَ قالُوا هذا هو المسيحُ. وآخرونَ قالُوا ألعَلَّ المسيحَ من الجليلِ يَأتي. 42ألم يقلِ الكتابُ إنهُ من نسلِ داودَ ومن بيتِ لحمٍ القريةِ التي كانَ داودُ فيهَا يأتي المسيحُ. 43فحدثَ انشقاقٌ في الجمعِ لسببِهِ. 44وكانَ قومٌ منهم يريدونَ أن يمسكُوهُ ولكن لم يلقِ أحدٌ عليهِ الأيادي.
45فجاءَ الخدَّامُ إلى رؤساءِ الكهنةِ والفريسيّينَ. فقالَ هؤلاءِ لهم لماذا لم تأتُوا بِهِ. 46أجابَ الخدَّامُ لم يتكلمْ قطّ إنسانٌ هكذا مثلَ هذا الإنسانِ. 47فأجابهم الفريسيونَ ألعَلَّكُم أنتم أيضاً قد ضلَلْتُم. 48ألعَلَّ أحداً من الرؤساءِ أو من الفريسيينَ آمنَ بِهِ. 49ولكن هذا الشعبَ الذي لا يفهمُ الناموسَ هو ملعونٌ. 50قالَ لهم نيقوديموسُ الذي جاءَ إليهِ ليلاً وهو واحدٌ منهم. 51ألعَلَّ ناموسَنَا يدينُ إنساناً لم يَسْمَعْ منهُ أولاً ويَعْرِفْ ماذا فعلَ. 52أجابوا وقالوا لهُ ألعَلَّكَ أنتَ أيضاً من الجليل. فتّشْ وانظرْ. إنهُ لم يقمْ نبيٌّ من الجليلِ. 53فمضَى كلُّ واحدٍ إلى بيتِهِ.
--------------------------
(35:7) لقد اقترح بعض الجهال قائلين أن المسيح قد ذهب إلى الهند في حداثته حيث تعلم الحكمة واكتسب القوة لعمل المعجزات والخوارق. يا لها من حماقة ! إن كان المسيح قد اكتسب علمه وقوته من مؤسسات هندية فأين مركز تلك المؤسسة المزعومة؟ لماذا لا نستطيع أن نجد أياً من الكتب الهندية المشهورة التي تعلم منها المسيح؟ من هم المعلمون الأفاضل أصحاب المعرفة الفائقة والقوة الخارقة الذين علموا المسيح؟ لماذا لم يسمع بهم أحد ولم يُقتبس منهم قولا؟ لماذا لم يستخدموا قواهم تلك لخير البشرية؟ والأهم من هذا كله، لماذا لم تستطع تلك المؤسسات المحترمة وأولئك المعلمون المحترمون أن يخرِّجوا أحدا آخر يماثل شخص المسيح؟ وخلال الألفي سنة الأخيرة كان ينبغي أن يكون هناك آلاف المتخرجين يجولون في هذا العالم يصنعون خيرا. أين هم؟ الجواب واضح إذ المسيح جاء من السماء مبرهنا بحكمته وعجائبه الخارقة عن انه الإله الحي القادر أن يعطي حياة وخلاصا مجيدا لكل من يؤمن.
1:8أمَّا يسوعُ فمضَى إلى جبلِ الزيتونِ.
- عدد الزيارات: 1968