الله

الثالوث في الإسلام - جوهر الله الفرد

الصفحة 2 من 3: جوهر الله الفرد

جوهر الله الفرد

والتثليث المسيحي هو كما وصفه الرازي : أنهم أثبتوا ذاتاً موصوفة بصفات ثلاث .

والمسيحيون يسمون هذه الصفات الإلهية الثلاث : الأبوة والبنوّة والروحانية في الله أقانيم لتمييزها عن سائر صفات الله. فتلك الأقانيم الثلاثة هي صلات ذاتية كيانية لا محض صفاتية وهي قائمة في الجوهر الإلهي الفرد. لذلك نردّ على الرازي قوله : فأما إن حملنا الثلاثة ويجب أن نحملها على أنهم يثبتون صفات ثلاث ,فهذا لا يمكن إنكاره... فلو كان القول بتعدد الصفات كفر ,لزم رد جميع القرآن ,ولزم رد العقل .

فالمسيحيون يثبتون في الله ذاتاً موصوفة بصلات ذاتية كيانية ثلاث ,يسمّونها الآب والكلمة والروح.

هذا هو التثليث المسيحي الصحيح الذي لمحه الرازي وابتعد عنه لعقدة في نفسه.

وهذا ما يثبته المسيحيون من صلات ذاتية ,أو صفات كيانية ,في الله. فمن أنكرها لزمه ردّ القرآن ,ولزمه رد العقل ,لأن هذا التثليث الصحيح من صميم التوحيد.

4 تفسير الغزالي : وهو ينصف المسيحيّة في عقيدتها التثليثية. قال حجة الإسلام الإمام الغزالي في كتابه الرد الجميل ص 43 ,يحلّل التثليث المسيحي : يعتقدون أن ذات الباري واحدة. ولها اعتبارات :

1 فإن اعتُبرت مقيَّدة بصفة لا يتوقف وجودها على تقدم وجود صفة قبلها كالوجود ,فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم الآب. وان اعتُبرت موصوفة بصفة يتوقفوجودها على تقدم وجود صفة قبلها ,كالعلم فإن الذات يتوقف اتّصافها بالعِلم على اتّصافها بالوجود فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم الابن أو الكلمة. وان اعتُبرت بقيد كون ذاتها معقولة لها ,فذلك المسمَّى عندهم بأقنوم روح القدس.

فيقوم اذن من الآب معنى الوجود ,ومن الكلمة أو الابن معنى العلم ,ومن روح القدس كون ذات الباري معقولة له. هذا حاصل هذا الاصطلاح فتكون ذات الإله واحدة في الموضوع ,موصوفة بكل أقنوم من هذه الأقانيم.

2 ومنهم من يقول : ان الذات ,إن اعتُبرت من حيث هي ذات ,لا باعتبار صفة البتة ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن العقل المجرد ,وهو المسمَّى عندهم بأقنوم الآب. وان اعتُبرت من حيث هي عاقلة لذاتها ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن معنى العاقل ,وهو المسمى بأقنوم الابن أو الكلمة. وإن اعتُبرت بقيد كون ذاتها معقولة لها ,فهذا الاعتبار عندهم عبارة عن معنى المعقول ,وهو المسمى بأقنوم روح القدس.

فعلى هذا الاصطلاح يكون العقل عبارة عن ذات الله فقط ,والآب مرادفاً له ,والعاقل عبارة عن ذاته بقيد كونها عاقلة لذاتها ,والابن أو الكلمة مرادف له ,والمعقول عن الإله عبارة عن الإله الذي ذاته معقولة له ,وروح القدس مرادف له.

هذا اعتقادهم في الأقانيم : وإذا صحَّت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ ,ولا في اصطلاح المتكلمين .

ويعلّق الكاتب الحكيم على أقوال الغزالي فيقول :

فالغزالي يشهد للمسيحيين بالتوحيد. ويشهد لهم بصحة اصطلاحهم في تفسير التثليث في التوحيد ,بناءً على الاعتبارين اللذين ساقهما عنهم : الأول على اعتبار الأقانيم في الله صفات ذاتية ,في الذات الإلهية الواحدة ,والثاني على اعتبار الأقانيم في الله أفعالاً ذاتية في الذات الإلهية الواحدة.

والقول الصحيح الذي يجمع الأفعال الذاتية والصفات الذاتية ,في الله الواحد الأحد ,

كونها صلات كيانية بين الله الآب وكلمته وروحه ,في الجوهر الإلهي الفرد .

وقد أنصف الغزالي التثليث المسيحي في هذا الحكم : إذا صحت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ ,ولا في اصطلاح المتكلمين . والمعاني قد صحَّت ,بحسب التنزيل الإنجيلي ,والكلام المسيحي الذي يفصّله.

مطابقة الأشعرية للمسيحيّة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 24304

جميع الحقوق محفوظة للخدمة العربية للكرازة بالإنجيل ©
P.O. Box 486, Dracut, MA 01826 USA - أخبارنا السريعة rss
ألديك مشاكل في الروابط؟ إتصل بمدير الموقع عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تابعونا