معجزة أليشع الثانية
تحويل مياه أريحا الرديئة الى مياه صالحة للشرب
(2ملوك 2:19-22)
بارك الله أليشع وأعطاه روح اثنين من إيليا، فأجرى الله على يديه ضِعف ما أجرى على يدي إيليا من معجزات. لابد أن الله يؤيد نبيّه الصحيح الذي أرسله من عنده بمعجزة تجعل الناس يسمعون الكلام الذي يقوله من عند الله لهم.
وعندما اقتنع بنو إسرائيل بنبوَّة أليشع جاءه رجال مدينة أريحا بشكوى. قالوا: إن موقع المدينة حسن، أما المياه فرديّة والأرض مُجدبة. كان موقع مدينة أريحا حسناً، فقد كانت عند سفح الجبل، وكان أمامها سهل الأردن وحولها النخيل وغيره من الأشجار والأعشاب ذات الرائحة الطيبة.
كما كان موقع المدينة رائعاً من جهة التجارة. ولكن مياه ذلك الجزء من مدينة أريحا كانت رديئة فكانت أرضها مجدبة غير مثمرة. كان السببُ في جدوب الأرض هو رداءة المياه. وكانت هذه مشكلة تهدد أمن السكان كلهم.
وهنا طلب النبي أليشع أن يجيئه أهل أريحا بصَحْن جديد يضعون فيه ملحاً. وذهب بالملح إلى نبع الماء، وطرح الملح فيه وقال: »هكذا قال الرب: قد أبرأتُ هذه المياه. لا يكون فيها أيضاً موت ولا جَدْب«. وأكرم الله نبيَّه أليشع فاذا بالمياه تصبح حلوة. ويقول المفسرون إن المياه التي برئت هي العين التي تخرج من عين السلطان الحالية، وهي اليوم عذبة جيدة.
حوَّل الله المياه الرديئة الى مياه صالحة للشرب والري، فانصلح حال الأرض المجدبة وجادت بالثمر. وهكذا صارت الأرض صالحة في الموقع الحسن!
ألا ترى أن عند كل واحد منا امتيازات وعيوباً؟ لا يمكن أن تكون كل حياتنا امتيازات، ولا يمكن أن تكون كلها عيوباً. إنما تختلط الامتيازات بالعيوب. ولكنك تلاحظ أن كثيرين يتذمرون على السيئات في حياتهم، دون أن يشكروا على البركات التي أنعم الله عليهم بها.
لعله لهذا السبب ذَكّر داود النبي نفسه بأن تقدم الشكر لله، فقال: »بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلَا تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ« (مزمور 103:2). إن كانت في حياتك سيئات فإننا نؤكد لك أن الله هو مصدر الإصلاح. لم يكن السرُّ في إصلاح الماء الرديء هو الصَحْن الجديد، ولا في الملح الذي كان فيه، لكن في قوة الرب التي شفت المياه وأبرأتها. ولا زال الله إلى يومنا هذا يحل مشاكلنا، وفوق الكل يصلح مشكلة النفس الإنسانية. فنفوسنا أمَّارة بالسوء، وهي مصدر كل شر، ولابد أن الله يصلح نفس الإنسان الذي يريد ذلك بعمل نعمته.
وهناك أربع خطوات في تحويل الماء الرديء إلى ماء صالح للشرب:
الخطوة الأولى أن أليشع خرج الى نبع الماء - والإصلاح يبدأ أولاً من نبع النفس البشرية.
ثم أن للإصلاح واسطة بشرية، فقد طرح أليشع الملح في الماء.
أما الخطوة الثالثة فهي أن الإصلاح عمل إلهي. قال الرب: »قد أبرأتُ هذه المياه. لا يكون فيها أيضاً موت ولا جدب«.
والخطوة الرابعة هي أن الإصلاح الذي يجريه الله هو إصلاح دائم ومستمر، فالتوراة تقول: »برئت المياه إلى هذا اليوم«.
والآن تعال نطبق هذه الأفكار الأربعة على إصلاح نفوسنا. إن الإصلاح يبدأ في النفس. عندما يحسُّ الإنسان منا أنه خطَّاء بعيد عن الله، يدرك أنه يجب أن يتوب، لأنه »لَا يَحْتَاجُ الْأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى« (متى 9:12). لم يأت المسيح ليدعو الذين يحسّون أنهم أبرار، لكن الذين يشعرون أنهم خطاة.
وهناك واسطة بشرية للإصلاح: أن تستمع لكلمة الله بفم واعظ، أو من خلال الراديو، أو من على منبر الوعظ، أو من كتاب تقرأه، أو من شريط تستمع إليه، أو صديق يتحدث إليك في جلسة فردية.
ولكن هذا لا يكفي، فقد يحسّ الإنسان منا أنه خطَّاء، وقد يستمع إلى كلمة وعظ، لكن الأمر يحتاج الى عمل الله في قلبه، فالله هو الذي يتوّبنا ويردّنا إليه من أجل اسمه.
وعندما يُجري الله هذا التغيير في حياتنا، فإنه يكون دائماً ومستمراً، لأن الله يضمن لنا استمرارية الحياة معه. قال السيد المسيح: »هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي« (رؤيا 3:20).
إنك تقرأ الآن كلمة الرب لك، ودعوته لتتوب عن خطيتك. فإن كنت تفتح قلبك، وتدعوه أن يدخل حياتك، عندها يدخل ليغفر خطاياك، وليجعلك خليقة جديدة، وليشبع نفسك، كما هو مكتوب: »أَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلَادَ اللّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ« (يوحنا 1:12). ندعوك أن تستمع لصوته، وأن ترجع إليه، وأن تفتح قلبك ليمتّعك بالسلام والبركة والنعمة.
- عدد الزيارات: 2355