Skip to main content

الخلاص

خلق الله الإنسان على أحسن صورة، وشاء في حكمته أن يهبه عقلاً به يفكّر ويدرك الأمور إنْ هو أحسَنَ التفكير. والإنسان في تفكيره كثيراً ما يتساءل ويتساءل. ولعلّ أهمّ سؤال دار في خاطره منذ السقوط هو : ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟

حين أطلق الرسول سؤاله "فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلَاصاً هذَا مِقْدَارُهُ، قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ؟" (عبرانيين 3:2) كان يقرّ بأنّ الخلاص أهمّ موضوع بالنسبة للإنسان. لكأنّه لم يجد في مفردات اللغة التي يعرفها كلمة تستطيع وصف عظمة هذا الخلاص، فكتب يقول "خلاص هذا مقداره" أنّه حرّك الله وشغل أفكاره، ولأجل تحقيقه "أَرْسَلَ اللّهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ" (غلاطية 4:4-5).

وإذا كان للخلاص هذه الخطورة ينبغي لنا أن نتأمّل في معانيه. وما أخالني بمستطيع أن أقيّم فوائد هذا الخلاص أو أن أصفه لك، ولكنّني أشير إلى عظمته بعفويّة المؤمن الذي سلّم ذاته إلى المخلّص الربّ وعرف:

الثمن الذي دفعه المسيح لكي يحصّله لنا: جاء في إحدى الترانيم المجيدة التي نسمعها كثيراً في الكنائس:

لم يفِ بالمالِ دَيني ذلك الفادي العظيم

بل فداني بدماه من عذابات الجحيم

واشتراني واشتراني ذاك بالدم الكريم

ولعلّ ناظم الترنيمة اقتبس كلماتها من قول الرسول بطرس "فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ، عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لَا بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الْآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلَا عَيْبٍ وَلَا دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفاً سَابِقاً قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (1بطرس 17:1-20).

هذا هو الثمن الباهظ الذي دفعه الله لأجل الخلاص، فقد تكبّد لأجل خلاص الإنسان أكثر ممّا تكبّد في خلقه. لقد خلقه بكلمة من فمه، ولكنّه لأجل خلاصه "لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لِأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ" (رومية 32:8).

ويقيناً أنّ خلاصاً هذا مقداره، تحمّل الربّ نفسه آلاماً مبرحة لأجل تحقيقه، لا بدّ أن يكون عظيماً.

ما خلّصنا منه: لقد خلّصنا من الخطيّة الخاطئة جدّاً، وخلّصنا من تبعتها ومن أجرتها التي هي موت. فقد جاء في شهادة بولس "صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا" (1تيموثاوس 15:1). وجاء في الإنجيل "لِأَنَّ ابْنَ الْإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (الإنجيل بحسب لوقا 10:19).

وخلّصنا من سلطان ابليس كما هو مكتوب: "يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللّهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لِأَنَّ اللّهَ كَانَ مَعَهُ" (أعمال الرسل 38:10). 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 2263