مخلصنا يأتي قريباً
كلما نقترب من الله ونختبر محبته ندرك ضعفنا ونقصنا وبطلاننا. ليست هذه الضعفات عذراً لنا ولا تسبب لنا عفواً في الآخرة بل بالأحرى هذه الأخطاء تدفعنا لصلوات أكثر وإيمان أقوى لنتغير فعلاً في جوهرنا، ونتواضع حسب قول الله إلى الرسول بولس:
»تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لِأَنَّ قُّوَتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ« (2 كورنثوس 12:9).
وهكذا نترقب عودة مخلصنا يسوع المسيح لكي يستعلن بمجيئه الثاني كل إمكانيات خلاصه. فهذا المجيء المجيد هو هدف رجائنا. والمسيحي لا يكون مؤمناً إن لم ينتظر بل يترقب ربه المحب.
جلس إسكافي مؤمن يصلح أحذية زبائنه فمرّ به أخ في الروح وسأله: »كيف حالك؟ وماذا تعمل؟« فجاوبه الاسكافي قائلاً: »أترقب المسيح منتظراً مجيئه، وبجانب هذا الترقب أصلح الأحذية«. فلم يقل: أشتغل في مهنتي وأنتظر الرب يسوع الآتي، بل بالعكس لأن اشتياق المؤمن إلى مخلصه هو موضوع حياتنا؟
إثناء مجيء يسوع في المجد ستستعلن الحياة الأبدية التي ابتدأت في أتباع المسيح عندما قبلوه بالإيمان. فالخلاص قد أشركنا في حياة ربنا يسوع. لن نموت حقاً بل نعيش في قوة الإنجيل. فليس ديننا متجهاً إلى هدف أو ساعة رهيبة نرتجف منها، بل نتأكد من قيامة المؤمنين إلى حياة الله، لأن محبة المسيح المنسكبة في قلوبنا لا تسقط أبداً. وعندما يأتي ربنا يظهر أن خلاصه ليس وقتياً بل سرمدياً، لأنه قد منح لنا قوة الله الغالبة على الخطية والموت والشيطان.
فأثناء مجيئه تتغير أجسادنا الفانية إلى عدم فساد، ونلبس مجد ربنا فوق ضعفاتنا متجددين تجديداً كاملاً. وسيربط فرح محبة الله أتباع المسيح إلى وحدة روحية. فليس الأكل أو الشرب أو الزواج هو هدف رجائنا في الآخرة بل الحياة في حضور الله مع مخلصنا يسوع المسيح. عندئذ يظهر ملء نعمته، وتتبين الخليقة الجديدة المستترة اليوم في قلوبنا.
ولكن كل الذين لم يقبلوا الرب يسوع وخلاصه المعد لهم سيظلون في كبريائهم يولولون مرتعبين. لأن أشعة قداسة الرب الآتي ستعلن خطاياهم جلياً. لسنا نحن بأفضل منهم حسب طبيعتنا ولكن قد تمت فينا الدينونة بواسطة اعترفانا بذنوبنا وقبول موت الرب يسوع النيابي عنا الذي رفع خطية العالم واحتمل دينونتنا من القدوس. فقد تبررنا وتحررنا من يوم الحساب.
سوف نرى في اليوم الآخير أن البعض سيتقدمون إلى ربهم والترانيم على أفواههم شاكرين مخلصهم لعمل الفداء على الصليب. وهاتفين لاجل حلول قوة الروح القدس في أجسادهم عربون المجد الآتي، بيما الآخرون: »يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا وَلِلْآكَامِ: غَطِّينَا« (الإنجيل حسب البشير لوقا 23:30).
ليس أحد منهم يقدر أن يحتمل مجد الرب الذي سيدينهم بدون كلمات كثيرة، لأن أعمالهم السيئة تظهر في نوره تلقائياً وأعمالهم المزعومة صالحة تظهر كخرق بالية. الخلاص الإلهي كان معداً لهم فأهملوه ورفضوه، محتقرين مخلصهم الوحيد. لذلك نهايتهم الهلاك وندامتهم بلا نهاية. فيوم الفرح عند المخلصين سيصبح لهم يوم الدينونة الرهيب لأنه مخيف هو الوقوع بين يدي الله الغاضب على كل رافضي الخلاص.
- عدد الزيارات: 2110