Skip to main content

الخلاص

الصراط المستقيم

"إهدنا الصراط المستقيم"

سورة الفاتحة

عزيزي المسلم

عندما تصلي إلى الله كل يوم تردد سورة الفاتحة وتكرر العبارة أعلاه مرات متعددة كل يوم. وبصفتك مسلماً عليك أن تفهم معنى هذه العبارة:

اهدنا الصراط المستقيم

اهدنا الصراط المستقيم

إن الصراط المستقيم هو الطريق المستقيم الذييؤدي إلى الله. وفي هذه العبارة يوجد معاني متعددة يتوجب على المسلم الحقيقي أن يفهمها ويعرفها.

كلمة (إهدنا) تعني طلب الهداية وهذا يدل على أن الإنسان ضال وبعيد عن الله فلو لم يكن ضالاً لما طلب الهداية. وهذه حقيقة ينبغي على كل مسلم أن يعترف بها. إن كل إنسان في هذا الوجود بعيد عن الله لأنه كسر شرائع الله وأصبح ضالاً تائهاً في دروب الإثم. وهذا ما يعترف به القرآن أيضاً ففي سورة العصر يقول : القرآن والعصر....إن الإنسان لفي خسر (سورة العصر 1). وكلمة "خسر" معناها أن الإنسان هالك وناقص وضعيف بسبب الطبيعة الناقصة التي ولد فيها. كذلك في (سورة يوسف 53) يقول القرآن "إن النفس أمارة بالسوء". وهذا يعني أن الإنسان لديه ميول سيئة وعواطف فاسدة. وفي (سورة النساء 28) يقرّ القرآن بضعف الإنسان حيث يقول: "وخلق الإنسان ضعيفاً". إن طبيعة الإنسان الساقطة عاجزة عن طاعة الله...

ولو تساءلنا هل يستطيع الإنسان البشري الذي هو في طبيعته هالك وناقص، ونفسه أمارة بالسوء إذ خُلِقَ ضعيفاً، هل يستطيع الإنسان وهو في هذه الحالة من الضعف والتردي أن يعمل أعمالاً صالحة ترضي الله القدوس وتفتح له أبواب الجنة؟ إن هذا الإنسان الذي يرفع هذه الصلاة لا بد وأن يكون سائراً في طريق غير مستقيم، طريق الشر والتمرد، ولذلك هو يطلب الهداية إلى الطريق المستقيم. هذا الإنسان عاجز تماماً عن القيام بالأعمال الصالحة لأنه يسير في طريق معوج ملتوٍ. ورغم رغبة الإنسان الجادة في طاعة الله لكن طبيعته الساقطة تهزمه وترغمه على ارتكاب المعاصي والآثام. لذلك فإن الإنسان لا يتمكن من الاهتداء إلى الصراط المستقيم إلا بتدبير يدبّره الله لإنقاذه من هذه الطبيعة الفاسدة.

لقد حاول الإنسان على مر العصور والزمان أن يهتدي إلى الصراط المستقيم ولكنه عجز عن ذلك لأن الإنسان استمر في خطاياه وشروره، ولا يمكن للحسنات أن تمحو السيئات، لأن الله عزّ وجلّ يريد إنقاذنا كلياً من شرور وآثام طبيعتنا الفاسدة.

إذا كنا نؤمن بوجود إله لهذا الكون فلا بد أن ذلك الإله يكشف للإنسان الطريق الذي يريحه من أتعاب الخطية وأثقالها. فلا يعقل أن يوجد إله ويترك البشر يتخبطون دون هداية. وليس من المعقول أن الله عزّ وجلّ يترك الإنسان الضال بدون إرشاد واضح إلى الطريق المستقيم. إذاً لا بد أن الله عزّ وجلّ يرغب أن يهدي الناس إلى طريق الحق والصواب. لقد أرسل الله الأنبياء والرسل لكي يرشدوا البشر إلى الصراط المستقيم. ويجب أن نعلم أن النبي ليس هو الطريق لكنه المرشد إلى الطريق. ومادام الله موجوداً وهو يهتم بالإنسان الذي خلقه. فلا بد أن يهديه إلى الطريق المستقيم. والطريق يؤدي إلى الهدف.

يا ترى ما هو الهدف الذي يريد الإنسان أن يصل إليه؟

وضع البشرُ أهدافاً معينة لهم . فمنهم من يهدف إلى الغنى، والعلم، والشهرة. لكن الهدف الأسمى الذي يريدنا الله أن نصل إليه هو الانسجام والارتباط معه، وأن نختبر علاقة حقيقية وعه.  فالإنسان الذي خلقه الله من صلصال ونخف فيه من روحه نسمة حياة لا يهدأ ولا يشبع إلا إذا عاد إلى الله.

كثير من الناس حاولوا جاهدين ومخلصين أن يعرفوا الله عن طريق الأعمال الصالحة والسلوك الحميد، إلا أنهم فشلوا لأن الإنسان بطبيعته لا يمكن أن يكون صالحاً. لذلك كان لا بد أن يعلن الله عزّ وجلّ عن ذاته للإنسان بطريقة مباشرة ليعرف الصراط المستقيم. فالإله المتجسد ضرورة لازمة لمعرفة الطريق. لذلك جاء الله في صورة إنسان ليقول للناس: أنا هو الطريق (الصراط المستقيم)، أنا هو الحقيقة, أنا هو الحياة. "لا يستطيع أحد أن يأتي إلى الله إلا عن طريقي" (الإنجيل المقدس يوحنا 14: 6).

إذاً هذا هو الصراط المستقيم. فالله هو الهدف، وهو الصراط (الطريق). فإذا رغبْتَ أن تصل إلى الهدف وهو معرفة الله معرفة حقيقية مبنية على اختبار شخصي فليس أمامك إلا طريق واحد وهو الله المتجسد: المسيح. فهو الطريق وهو الحقيقة التي طالما بحث الناس عنها ولا يزالون يبحثون عنها.

نعم ما أعظم هذا الاكتشاف لأن من يكتشف معنى كلام المسيح "أنا هو الطريق" يعرف سر الحياة. فالله هو الأول والآخر، واحد، أحد، لا شريك له، ولا إله غيره، الله الذي تجسد في صورة إنسان، المسيح (ومعنى اسمه ماسح كل الذنوب) تبدأ به الطريق وتنتهي إليه ولا يوجد طريق آخر سواه. لأن كل طريق آخر غير الله هو طريق زائف مضلل يقودنا إما لنهاية مسدودة أو إلى لا شيء. وكم من أناس حاولوا أن يشقوا طريقهم لكنهم وصلوا إلى لليأس والضياع.

إذن لماذا تجهد نفسك في البحث عن الحقيقة بينما الحقيقة ظاهرة واضحة بينة أمامك. انظر إلى الرب يسوع المسيح فهو "الألف والياء" ، هو "مبديء الإيمان ومكمله".

فالرب يسوع هو الوحيد الذي يعطيك الحياة الأبدية التي هي هبة مجانية من الله سبحانه وتعالى، فقد نطق بالحق وقال: "من آمن بي فله الحياة الأبدية" (يوحنا 6: 47). ولك أن تلقي عليه رجاءك وتثق بأنه يقْبَلُكَ كما أنت ويرحّب بك أنى جئت إليه: "كل ما يعطيني الآب فإليّ يُقْبِلُ، ومن يُقْبِلُ إليّ لا أخرجه خارجاً" (يوحنا 6: 37). فلا تتوانَ بل هلمّ إليه. إنه ينتظرك.  

 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 2811