صلب المسيح، حقيقة أم خيال؟
إن حقيقة صلب المسيح هي قضية جدلية رئيسية بين المسيحي والمسلم. وحيث أن الصليب يعتبر من صلب العقدة الأساسية للكنيسة ككل. فإني أدعو القاريء الكريم للنظر بشكل شامل للشهادات التالية:
1. شهادة التاريخ:
كورنيليوس تاسيتوس: (55 ب.م) مؤرخ روماني ملحد، ويعتبر من أعظم مؤرخي روما القديمة. سجل قصة صلب المسيح بالتفصيل في مجلداته التي وصل عددها إلى الثمانية عشر مجلداً.
جوزيفس: (27-97 ب.م) مؤرخ يهودي كتب عن تاريخ شعبه في عشرين مجلداً. حيث سجل قصة حياة المسيح، وتعاليمه، ومعجزاته، وقصة صلبه بالتفصيل بأمر من بيلاطس البنطي. ثم أشار أيضاً إلى ظهور المسيح لتلاميذه حياً في اليوم الثالث.
لوسيان الإغريقي: مؤرخ بارز كتب عن صلب المسيح وعن المسيحيين الذين كانوا قد قبلوا الموت لأجل إيمانهم بالمسيح.
بيلاطس البنطي: الحاكم الروماني الذي أرسل إلى طيباريوس قيصر، تقريراً كاملاً عن صلب المسيح. ذلك التقرير الذي استخدمه تورتيليانوس. كإحدى الوثائق في دفاعه الشهير عن المسيحيين.
2. شهادة التلمود
التلمود هو كتاب مقدس لليهود وقد جاء في نسخة طبعت في أمستردام عام 1943 صفحة 42 بأن:"يسوع الذي يدعى المسيح كان قد صلب مساء يوم الفصح".
3. شهادة نبوءات العهد القديم
يوجد أكثر من 47 نبوءة تتحدث عن صلب المسيح على الصليب والتي قد تحققت حرفياً في نفس اليوم الذي صُلِبَ فيه المسيح. ومن أهم هذه النبوءات هي نبوءة إشعياء النبي المذكورة في سِفْرِه الإصحاح الثالث والخمسين. وفيما يلي بعض من النبوءات التي تحققت في ذلك اليوم عينه.
إتمـام هذه النبـوءة |
مكــان ورودها |
النبـــوءة |
متى 26: 15 |
زكريا 11: 12 |
تسليم المسيح لليهود بثلاثين من الفضة |
يوحنا 19: 28 |
مزمور 22: 15 |
عطشه على الصليب |
متى 16: 31-56 |
زكريا 13: 7 |
تركه التلاميذ وهربوا |
لوقا 23: 22 |
مزمور 22: 16 |
ثقبوا يديه ورجليه |
يوحنا 19: 23-24 |
مزمور 22: 18 |
ألقوا القرعة على ثيابه |
مرقس 14: 48-50 |
مزمور 31: 11 |
معارفه يقفون بعيداً عنه |
متى 27: 34 |
مزمور 59 21 |
إعطاؤه الخل ليشرب |
يوحنا 19: 34-37 |
زكريا 12: 10 |
طعنه في جنبه |
مرقس 15: 28 |
اشعياء 53: 12 |
شفاعته من أجل صالبيه |
عبرانين 9: 28 |
اشعياء 53: 12 |
حمل خطايا كثيرين |
يوحنا 19: 33-36 |
مزمور34: 20 وخروج 12: 46 |
عظم من عظامه لم يكسر |
4. شهادة المسيح نفسه
يحتل موت المسيح على الصليب المكانة الأولى في حياته على الأرض. لهذا السبب نرى بان كُتَّاب الأناجيل الأربعة قد أعطوا اهتماماً كبيراً لهذه القضية. فالمسيح قبل صلبه تحدث مع تلاميذه في عدة مناسبات عن موته النيابي على الصليب وقيامته من بين الأموات. فمرة سأله اليهود أن يريهم آية فقال لهم"انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه. فقال اليهود في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة أيام تقيمه. وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه انه قال هذا فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع."(يوحنا 2: 18: 22).
ومرة أخرى قال الرب يسوع لتلاميذه: "ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم"(متى 20: 18-19)
ولتفصيل أكثر تستطيع قراءة الآيات التالية:
متى 17: 22، مرقس 8: 31، 9: 31، 10: 32-34، لوقا 9: 22، 18: 31-33، يوحنا 3: 14-17، 10: 11، 12: 32-33.
5. شهادة الأناجيل
من الواضح بأن النصف الأخير من إنجيل يوحنا يتكلم عن صلب المسيح, والنصف الأول يتكلم عن الثلاثة سنين والنصف من حياته على الأرض. فهذا يعني أن صلب المسيح هو السبب الأساسي والرئيسي الذي جاء المسيح من أجله. وهكذا أيضاً الثلث الأخير من كل من إنجيل متى ومرقس ولوقا.
6. شهادة يوحنا المعمدان
كانت رسالة يوحنا أن يمهّد الطريق لمجيء المخلّص. وعندما رأى المسيح ماشياً أشار بإصبعه إليه قائلاً: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم".
فقبل يوحنا المعمدان كان اليهود يذبحون الكثير من الحملان للتكفير عن الخطايا أما الآن فحمل الله فيه الكفاية للتكفير عن الخطايا.
قبلاً كانت الحملان تقدم من قبل الناس ولكن الآن يوجد حمل واحد أرسل من قبل الله "هوذا حمل الله".
قبلاً كان عدد كبير من الحملان يضحى بها للتكفير أو لستر الخطايا والآثام أما الآن فحمل الله يرفع جميع الخطايا.
قبل ذلك التاريخ كان الكثير من الحملان تذبح لأجل شعب اسرائيل فقط. أما الآن فيوجد حمل الله الوحيد للتكفير عن العالم كله "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم"(يوحنا 29: 1).
في سفر التكوين الإصحاح الرابع نقرأ عن هابيل الذي قدم عن أبكار غنمه ومن سمانها... قربانا للرب: فهنا نجد خروف واحد لشخص واحد. وفي سفر الخروج الإصحاح الثاني عشر نقرأ عن حمل واحد للعائلة كلها. وفي سفر اللاويين نقرأ عن حمل واحد لكل الشعب اليهودي. ولكن الآن المسيح "حمل الله" للعالم بأسره.
7. شهادة موسى
في سفر التثنية 18: 15 تكلم موسى عن المسيح وهذه النبوءة قد تمت في (أعمال الرسل 23: 3).
8. شهادة قانون الإيمان النيقاوي
في عام 325 م اجتمع من كافة أنحاء العالم عدد من الاساقفة المسيحيين في مدينة نيقية. ووضعوا بصورة مختصرة قانون الإيمان المسيحي. كان الغرض من هذا القانون تحديد العقيدة المسيحية وحماية الكنيسة من الهرطقات التي ظهرت في الكنيسة في ذلك الوقت. وقد أشار قانون الإيمان النيقاوي بصورة واضحة وصريحة إلى صلب المسيح بالقول "وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور... الذي به كان كل شيء. الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بقوة الروح القدس من مريم العذراء وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي وتألم ومات وقبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب وصعد إلى السماء... وأيضاً سيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات..."
9. شهادة استخدام الصليب كرمز وإشارة للمسيحيين
لقد كان الصليب رمزاً للكنيسة منذ نشوئها. فكنت ترى الصليب مرفوعاً على مناراتها وموضوعاً على تيجان ملوكها ومنقوشاً على مقابر تابعيها ليذكّرهم بمحبة الله العظيمة لخلاص البشرية. ومن العجيب أن ترى علامة الصليب محفورة بكثرة على جدران دهاليز المقابر (الكاناكومب) الموجودة تحت الأرض في روما منذ القرن الأول الميلادي.
10. شهادة كلمات المسيح على الصليب
لا يوجد شخص في الوجود سوى الرب يسوع المسيح الذي يمكنه ان ينطق بتلك الكلمات السبع التي تفوه بها وهو يعاني الآلام الشديدة على الصليب، فمن يستطيع أن ينطق ويقول: "يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون" إلا المسيح يسوع!
11. شهادة يوسف الرامي
عندما طلب يوسف الرامي جسد يسوع من بيلاطس البنطي وأعطي له (مرقس 15: 42-46) كان يوسف الرامي يعرف ان الجسد الذي أنزله من على الصليب هو جسد المسيح وليس غيره.
إن النظرية التي تقول بأن يهوذا أخذ مكان المسيح إذ وضع الله شبه المسيح على يهوذا فصلب يهوذا عوضاً عن المسيح لا يمكن أن تكون صحيحة للأسباب التالية:
1. لأننا بذلك ننسب لله صفة الخداع والتضليل. وحاشا لله أن يخدع البشر.
2. أن النبوءة التي تنبأ بها زكريا عن إعطاء الثلاثين من الفضة لمن يسلم المسيح لا يمكن أن تتحقق (زكريا 11: 12 ومتى 26: 15)
3. أن النبوءة التي تتحدث عن أخذ الثلاثين من الفضة التي طرحها يهوذا في الهيكل لشراء حقل الفخاري لا يمكن أن تتم (زكريا 11: 13 ومتى 22: 7)
4. من البديهي أنه لو كان الشخص الذي صلب غير المسيح فلا بد أن يقاوم ويعترض ويقول لعسكر الرومان إني لست المسيح.
13. شهادة اليهود
سأل اليهود بيلاطس بأن يختم الحجر على القبر ليس خوفاً من أن يخرج المسيح من القبر، ولكن خوفاً من أن يأتي تلاميذه ويسرقوا الجسد ومن ثم يقولوا أنه قام من الأموات.
14. شهادة عشاء الفصح
عندما صنع الرب يسوع الفصح مع التلاميذ أخذ الكأس وقال"هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء"(اكو 11: 25-26). ولقد كان المسيحيون عبر التاريخ يجتمعون مع اختلاف طوائفهم في أول كل أسبوع وفي كل أنحاء المعمورة ليحتفلوا بعشاء الرب كذكرى لعمل محبة الله العظيمة بأن يسوع المسيح قد سفك دمه للتكفير عن خطايا العالم أجمع.
15. شهادة تعليم الرسل
لقد كان تعليم الرسل مبنياً على إيمانهم العظيم بموت المسيح على الصليب وقيامته فلقد عاش تلاميذه وماتوا كلهم كشهداء من اجل إيمانهم الراسخ في عمل المسيح الكفاري على الصليب. فبطرس في موعظته في يوم الخمسين قال لليهود:"أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجلٌ قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون. هذا أخذتموه مسلَّماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمةٍ صلبْتموه وقتلتموه"(أعمال 2: 22-23). وبولس الرسول يكتب في رسالته إلى كنيسة رومية عن حقيقة تبريرهم بموت المسيح الكفاري فيقول:"متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله"(رومية 3: 34) "لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار. فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بار ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضاً أن يموت. ولكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة قد مات المسيح لأجلنا"(رومية 5: 6-8) "لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت"(رومية 10: 1-10) "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا"(5: 7) "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله"(1كو 1: 18) "لأني لم أعزم أن اعرف شيءاً بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً" (1كو 2:2).
للمزيد من المعلومات تستطيع قراءة الآيات التالية:
أعمال 2: 36، 3: 13-15، 4: 10، رومية 1: 4، 3: 24، 4: 24-25، 5:8، 6: 3-4، 6: 10، 10: 9، 1كو 1: 18- 23، 2: 2، 5: 7، 6: 14، 11: 26، 15: 3- 20، 2كو 4:10-14، 13: 4، غلا 2: 20، 4:4، 6:14، أف 1:7، 2:13، 5: 2، كو 1: 18-20، 2: 12-14، 3: 1، فل 2:6-8، 3: 18، 1تس1: 10، 4: 14، 5: 10، 1تي2:6، 2 تي 2:11-18، عب2:9-15، 5:8، 9:12-14، 10:10-14: 12:2، 13: 12، 13:20، 1بط 1:3، 1: 11-19، 2: 21-24، 3: 18، 4:1، 5:1، 1يو 1:7، 3:16، 4:10، رؤ 1: 5-7، 5: 9-11
عندما يعتمد المؤمن يشهد بمعموديته عن موته ودفنه وقيامته مع المسيح "أم تجهلون أن كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية لموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة"(رومية 6: 3-6).
كانت الضحايا في العهد القديم تذبح كوسيلة للتكفير عن الخطايا.."لأن الدم يكفر عن النفس"(لاويين 13: 11). وكلنا نعلم بأن المسيحيين والمسلمين واليهود يؤمنون بالفداء أو الضحية. فالمسلمون يحتفلون بعيد الأضحى واليهود يحتفلون بعيد الفصح بتقديم ذبائح دموية للتكفير عن خطاياهم. والمسيحيون يؤمنون بموت المسيح "حمل الله" الذي هو الذبح العظيم والضحية الكبرى والنهائية للتكفير عن خطايا العالم فموت المسيح وذبيحته الكفارية هي التي أعطت معنى لكل الضحايا ولكل الأعياد السابقة وما تلك الضحايا إلا رمزاً مثالياً للتضحية الحقيقية التي قدمها المسيح على الصليب وإلا فالضحايا تبقى بلا معنى على الإطلاق.
يعلن لنا التاريخ بأن جميع التلاميذ ما عدا يوحنا الرسول قد استشهدوا بسبب إيمانهم بموت المسيح وقيامته. فهل من المعقول أن بموت جميع التلاميذ شهداء من أجل خرافة.
إنني أصلى انك بعد قراءة هذه الشهادات الواضحة والصريحة أن تأخذ قرارك الذي يتوقف عليه مصيرك الأبدي وأن تسأل نفسك هذا السؤال: هل من الممكن أن تكون كل هذه الأدلة والبراهين خاطئة والقرآن وحده صحيحاً.
صلاتي إلى الله لكي يهديك إلى اتخاذ القرار الصحيح. والرب معك.
- عدد الزيارات: 7537