مـاذا نفتكر عن المسيح؟
ماذا تفتكر بولادة المسيـح العجيبـة؟
لم ولن يولد أي شخص قط كما ولد المسيح ابن مريم. فإسماعيل ابن إبراهيم، ويوحنا ابن زكريا، ومحمد بن عبدالله. وكل الناس ينالون أسماءهم من آبائهم فلماذا نسب المسيح إلى أمه؟ لأنّه قد ولد من عذراء. فولادته توقفت على قدرة الله وقصده الأزلي.
وقبل سبعمائة سنة من ميلاده أنبأ اشعياء النبي عن كيفية هذه الولادة العجيبة (7: 14) قائلاً: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل (أي الله معنا)". فالله حقق وعده لأنه أمين وعادل وليس عنده شيء مستحيل.
هل عرفت أن المسيح هو كلمة الله؟ فاقرأ الوحي في الإنجيل الشريف: "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله... والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا". فكل قدرة الله الخالقة العاملة في كلماته المقدسة اجتمعت في المسيح الكلمة. وإن تعمقت في الأحداث حول ولادته تندهش لأن ليس إنسان مولوداً مثل ابن مريم ولا من يقارن به. إنه الفريد في ولادته.
هل تتذكر أن الله خلق آدم من طين؟ وكلنا أبناء آدم، وحتى الأنبياء ليسوا إلاّ مخلوقات من طينته. كلنا أرضيون من تحت. ولكن المسيح من فوق. لأنه نزل من السماء. فهو طاهر بدون ذنب، نقي أنصع من الثلج. أما نحن فجميعنا مذنبون فاسدون خطاة، لأننا من الأرض ولسنا مولودين من روح الله.
ونقرأ في الكتاب المقدس عبارة غريبة، أن المسيح أتى إلى العالم لينجي الخطاة. فلا يستطيع إنسان ما أن يأخذ مكان المسيح حيث أننا جميعنا ولدنا من التراب، وأما هو فمن الله مباشرة. ولم يرفضنا نحن الصعبين، بل اختارنا، وقبل خدمته الخلاصية، وأتى إلى عالمنا الشقي ليطهرنا نحن الأرضيين. فمبارك الله لأجل ولادة المسيح العجيبة.
مـا الـذي عرفتـه مـن بـراءة المسيـح؟
ولد المسيح من روح الله، وثبت منذ ولادته في البراءة والطهارة، ولم يذنب ولو مرة واحدة، ولم يخطئ أبداً. ولم يستغفر الله البتة كما نحن. فيجب علينا أن نعترف بذنوبنا، وألا نكون كاذبين على الله وعلى أنفسنا. فداود النبي طلب الغفران بالدموع، وإبراهيم الخليل استغفر ربه، ولكن إن بحثت في الكتاب المقدس أو في القرآن لا تجد دليلاً أو آية أن يسوع طلب الغفران ولو مرة واحدة.
وبما أن المسيح كان بدون علّة فلم يكن محتاجاً إلى تطهير أو تبرير. وقال لأعدائه جهراً: "من منكم يبكتني على خطيئة؟" ولم يستطع أحد منهم أن يبرز خطأ واحد عليه لا قول ولا عملا. وفي المحاكمة الأخيرة أمام الوالي الروماني كان ذلك القاضي مضطراً أن يعترف شرعاً ثلاث مرّات: "لا أجد في يسوع علّة أو ذنباً".
وأكثر من ذلك فأحد الأرواح النجسة الساكنة في إنسان ملبوس فزعت لاقتراب المسيح منها، صارخة: "يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا. أنا أعرفك من أنت قدوس الله". فالمعروف في الآخرة والدنيا أن المسيح طاهر كامل وقدوس في ذاته. ليس إنسان مثله. الجميع اخطأوا إلاه.
مـاذا فهمـت مـن كـلام المسيـح؟
جميع الأنبياء والرسل الصالحين أوحيت إليهم كلمة الله الأزلية. وأما المسيح فهو كلمة الله الذاتية، المرتكزة فيه كل قوى الله الخالقة والراحمة. ولم يتكلم فقط بل عاش ما قال. فليس في حياته شبه انفصام الشخصية ولا تناقض محض. بل ظهر سلطان الله جلياً في أقواله وسلوكه متطابقاً.
وكثيراً ما نقرأ عنه مثل هذه العبارة: "فلما أكمل أقواله بهتت الجموع من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة أي معلمي الناموس والشريعة التقليدية". وعندما حاول مضادوه أن يمسكوه بواسطة خدامهم تأثر أولئك الخدام بكلامه واهتزوا في ضمائرهم. فلم يتجاسروا على الاقتراب منه. ورجعوا إلى رؤسائهم متمتمين: لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان.
اسمع بعض أقوال المسيح التي نطقها بكل تواضع:
"أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة".
"أنا هو خبز الحياة من يُقبل إليَّ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبداً".
"أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم".
"لا تدينوا لكي لا تدانوا. لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تُدانون، والكيل الذي به تكيلون يكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ أم كيف تقول لأخيك دعني أخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك؟ يا مرائي، أخرج أولاً الخشبة من عينك وحينئذٍ تبصر جيداً أن تُخرج القذى من عين أخيك".
إن تعمقت في هذه الأقوال تفهم أن المسيح هو نور العالم، معطي السلام والحياة الحقّة لمن يطيع كلماته.
كل الأنبياء الآخرين أتوا بجزء من النور الإلهي مضيئين في عالمنا المظلم، مشبهين القمر اللطيف. واضمحلوا كالهلال. أما يسوع فهو يشبه الشمس الساطعة المشرقة بسلطان نورها فكيف نتبع القمر ما دامت الشمس طالعة؟ إن المسيح هو النور الحقيقي. لأنه أكمل الوحي، وأعلن الشريعة الجديدة ألا وهي المحبة. وهو بالذات المحبة المتجسدة فاستحق القول: "أنا هو الطريق والحق والحياة. السماء والأرض تزولان وأما كلامي فلا يزول".
مـاذا تفتكـرعـن قـوة المسيـح؟
من يتعمق في أعمال يسوع يدرك أن له قدرة غير محدودة. فكل القوات والسلطات السماوية دفعت إليه بملئها. فمارس أعمال الله ظاهرة، وليس أحد استطاع أن يعمل مثله.
قد شفى البرص بنطق لسانه، وفتح أعين العمي بلطفه. وأسكت العاصفة الهائجة بمجرد كلمته. وأخرج الشياطين بانتهاره إياهم، وأشبع خمسة آلاف جائع بخمسة أرغفة وسمكتين. فليس إنسان قام بأعمال مثله.
بعض الأنبياء نفّذوا معجزات محدودة باسم ربهم، أما المسيح فحقق أعماله باسمه الخاص في سلطانه العظيم.
كان رجل اسمه لعازر، قد مات ودفن وأهله الباكون عليه التمسوا عون يسوع. ولما وصل إلى قريتهم كان قد مضى على لعازر أربعة أيام مدفوناً في القبر. فتقدم المسيح إلى قبره وصرخ بصوت عظيم: "لعازر هلمَّ خارجاً". فخرج الميت فعلاً.
وأنت أيضاً إن سمعت صوت المحيّي الإلهي تقوم من موتك الروحي في خطاياك، لأن يسوع قال: "أنا هو القيامة والحياة". وسيأتي اليوم الذي فيه يسمع جميع الأموات صوته وسيقومون إما للحياة مع الله أو للدينونة المخيفة. وأنت أيضاً إن فتحت قلبك لصوت المسيح، ستدخل النعيم وتثبت في الحياة الأبدية.
مـاذا تعـرف عـن آلام المسيـح؟
مات المسيح هذا حق ويقين. وتم موته بعد عذاب اليم. ولكن المسيح كان يعرف مسبقاً أية ميتة كان مزمعا أن يموتها. وأنبأ بذلك جهراً.
هل تعرف أنت أين ستموت؟ في بلدتك أو في الطريق أو على فراشك؟ هل ستموت بسبب حادثة أو بحالة طبيعية؟ وفي أي عمر ستقضي وأي شهر ويوم؟ وماذا سيحدث بعد موتك لأقربائك؟
لا نعرف قطعاً تفاصيل موتنا. كما أن الأنبياء لم يعرفوا ساعة أجلهم. ولكن السيد المسيح عرف وأنبأ أنه سيموت في مدينة أورشليم، بعد محاكمة من الشيوخ والوثنيين، وعذاب كبير. وبإرادته الحرة عيَّن اليوم الذي يموت فيه، يوم عيد الفصح الذي كان الناس يذبحون فيه خرافاً ليمر غضب الله عنهم لأجل الدم المسفوك. فمات يسوع كحمل الله حاملاً خطية العالم، رافعاً ذنوبنا الوسخة، ليمر عن كل مؤمن به غضب الله الملتهب. فمن يؤمن بالمسيح يطهر ويتبرر تبريراً أبدياً.
ولكن المسيح لم ينبئ عن ساعة وكيفية ومعنى موته فقط، بل أكّد لأتباعه بيقين قاطع أنه سيقوم من بين الأموات بعد ثلاثة أيام. وليس أحد يقدر أن يمنعه من قيامته الظافرة. وهكذا صار.
وقال يسوع أيضاً: "ليس أحد يأخذ حياتي مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً".
ليس للإنسان معرفة أجَله ولا قدرة على قيامته الخاصة. أما المسيح فمات بملء إرادته وحمل خطايا العالم، ومات من أجل تبريرنا. هو المحيي الذي يعطي حياته الروحية لكل من يؤمن به. لا نجد إنساناً على أرضنا مات وقام مثله. فموت المسيح بركة الله العظمى لكل البشر.
هـل أدركـت انتصـار المسيـح علـى المـوت؟
المسيح مات حقاً ودفن في قبر منحوت في الصخور. ووضع اعداؤه حجراً ضخماً على باب قبره، وختموه بختم أكبر دولة آنذاك. لكيلا يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقون الجثة، كما زعم اليهود. ووضعوا حراساً مسلحين على باب القبر.
ولكن بعد ثلاثة أيام قام المسيح من بين الأموات وخرج من القبر. ووجد تلاميذه بعدئذ قبره فارغاً، فتعجبوا وفزعوا مرتعبين عندما التقوا بالمسيح الحي، مفكرين أنه شبح. ولكنه كلمهم بكلمات لطيفة، واراهم أثر المسامير في يديه ورجليه، وأكل أمامهم، وسمح لهم أن يمسّوه ليتأكدوا أنه قام حقّاً وله جسد ملموس.
كل الأنبياء والرسل ماتوا، وجثثهم لا تزال في القبور مفتتة. ولكن المسيح حي ظافر على الموت.
هل أدركت معنى إقامة المسيح من بين الأموات؟ الله القدير برهن بهذا العمل العظيم أنه يحب المصلوب، وقبل ذبيحته على الصليب عوضاً عن العالم.
مـاذا تفتـكر فـي ارتفـاع المسيـح إلـى الله؟
هل عرفت أن المسيح صعد إلى السماء وجلس عن يمين الله؟ هو أقرب المقربين إلى الله، ولا مثيل ل. وكما نزل من السماء وتجسد إنساناً هكذا صعد إلى العلاء، بعدما انتصر بموته على الخطية والفناء والشيطان.
وهو الوسيط الأمين القدير لكل المتقدمين باسمه إلى الله. فكل الذين يؤمنون بتوسطه يختبرون حلول الروح القدس في قلوبهم، ويتجددون في أذهانهم، وينالون الحياة الإلهية الظاهرة في سلوك طاهر. فإن أردت اختبار وجود المسيح الحي، وعمله الكفاري، فافتح قلبك طوعاً لقوة روحه، فتراه بالإيمان، وتسلك منسجماً بخطة إرادته.
ولكن كل من يرفض المسيح يرفض الله بالذات، الذي قدم يسوع كفارة للعالم. وقد حقق الله نبوته الموحى بها للنبي داود، إذ قال للمسيح المرتفع إليه: "اجلس عن يميني، حتى أضع أعداءك موطناً لقدميك". فكل الذين يرفضون محبة الله المعلنة في المسيح يدينون أنفسهم. لأن كل رافض رحمة الله يستحق ويتطلب برفضه أن يبقى عليه غضب الله، لأنه رفض عمداً طريقة الله الوحيدة لخلاصه.
وإلى حين قيامة المسيح كان الموت أكبر عدو للبشر. ولكن يسوع قد غلب الموت، وظهر حياً. ولن يموت أبداً. وكل من يلتصق به يشترك بقوة حياته الغالبة على الفساد. فهل أدركت البركة في قيامة المسيح، وهل قبلتها؟.. هيا.. اقبلها.
مـاذا عرفـت عـن رجـوع المسيـح إلـى الأرض
المسيح هو المحبة بالذات. فيجب كل الناس وخاصة الذين يتجاوبون مع روح محبته، حتى أنهم اصبحوا محبين ومتسامحين كما سامحهم الله في المسيح. وهو مشتاق إلينا، ويريد أن نكون معه في كل حين. وأنبأ يسوع جهراً برجوعه الثاني، كما أنبأ عن موته وقيامته بالصواب. فكل حكيم يستعد لاستقباله، عالماً أن المسيح يأتي بمجد عظيم، ويفرز قابلي فدائه عن متحجري القلوب، الذين يستكبرون ولا يعترفون بأنهم خطاة محتاجون إلى غفران المسيح.
أيها الأخ العزيز. أسرع لقبول المسيح، لكيلا تسقط في الدينونة الأخيرة. لأنه هو الوحيد الذي يقدر أن يخلصك من الغضب الآتي.
وكل المؤمنين المخلصين يترقبون مجيء المسيح بشوق دائم. وحتى اليهود والمسلمين يعرفون اقتراب مجيئه. وبعض الناس يعتقدون أن المسيح سيحكم أربعين سنة على الأرض. والبعض يقدر حكمه بمائة سنة. والبعض يتأكدون أن حكمه ألفي. ولكن الكتاب المقدس يؤكد لنا أن يسوع ملك الملوك ورب الأرباب وليس له نهاية. فملكه إلى الأبد. وقد قال" "اني ملك. لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي".
مـاذا فهمـت مـن أسـماء المسيـح وألقـابه؟
لبعض الأنبياء ألقاب خاصة. فإبراهيم خليل الله، وموسى كليم الله، وعيسى كلمة الله وروح منه. وأما في الإنجيل فنقرأ عن إعلان الله، إذ جاء صوت من السماوات قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب، الذي به سررت. له اسمعوا".
ماذا تعني عبارة ابن الله؟ الولد عادة صورة عن أبيه. وهكذا نرى في الميسح صفات الله، كما قال يسوع لتلاميذه: "من رآني فقد رأى الآب". وربما تقول حاشا. إنه نبيّ فقط. فنسألك: لماذا لم تتبع أوامره؟ أنت مدان إن لم تتب حقّاً، وتتغير في أفكارك وأعمالك.
إنه لسرّ عظيم أن يسوع ظهر عبداً ليحرر العبيد في الخطايا. وأتى إلى العالم إنساناً متواضعاً ليرينا معنى الإنسانية الحقّة. فليست العظمة والأمجاد تخلصنا، بل محبة المسيح وحده. وكل من يحمل السيف يظهر قوياً، ولكن من يغلب نفسه أقوى. وأما أعظم الجميع فهو الذي يضع نفسه فدية للكثيرين. ولهذا اعترف الرسول يوحنا قائلاً: "الكلمة صار جسداً وحلّ بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقّاً.
المسيح تجسد في هيئة إنسان لنفهم أن الله هو الآب اللطيف المحب الغفور وليس القهّار المهلك اللامبالي. وهكذا أعطانا المسيح فهماً جديداً عن الله. ولم يعلمنا يسوع بالصفات الإلهية فحسب، بل مثل محبة الله أمامنا، لندرك شعار العصر الجديد: المحبة.
مـاذا هـو موقفـك تجـاه عـرض المسيـح إليـك؟
ابن الله يقول لك بصوته الحنون: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن حملي هيّن ونيري خفيف.
لما نادى يسوع تلاميذه بمثل هذه الكلمات قاموا وتركوا منازلهم وآباءهم ومهنهم، وتبعوا المسيح واثقين في دعوته. وأثناء اتّباعهم أدركوه. وآمنوا به وسلموا حياتهم له حتى امتلأوا أخيراً من قوة روحه القدوس. والمسيح حي منتظر منك نفس التجاوب، لأنه يدعوك شخصياً، لتترك كل شيء وتتبعه. عندئذ تعرفه أكثر فأكثر وتستودع نفسك إلى رحمته. فيمسحك بروحه الطاهر لتتغير في أقوالك وأعمالك. عندئذ تصبح إنساناً صادقاً ونافعاً متواضعاً ومحباً. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلبك ونفسك طاهراً إلى مجيء المسيح القريب.
- عدد الزيارات: 3848