Skip to main content

قراءة الإنجيل المستمرة تثبتنا في الخلاص

من الخطأ الاعتقاد بأن المؤمن بالمسيح معصوم من التجارب والخطية. كلا، لكنه ممسوك بيد قوية ومحمول على الأذرع الأبدية. يستمد القوة وقت الضيق من كلمة ربه المؤدبة والمعزية. الله يكون معه بل فيه بواسطة روحه الطاهر مانحاً للمؤمن القدرة للغلبة على التجربة. فيتعلم الصبر والثقة بربه في كل نواحي الحياة.

أما الطريق إلى الثبات في الخلاص فهو دراسة الإنجيل باستمرار مع الطاعة لإرشاد الروح القدس الذي يرشدنا ويقودنا إلى خدمات متنوعة في شركة المؤمنين، وقد اعترف الرسول بولس قائلاً: »لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لِأَنَّهُ قُّوَةُ اللّهِ لِلْخَلَاصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ« (رومية 1:16).

فنعترف أننا محتاجون إلى التأمل في الإنجيل بانتظام، لأنه غذاؤنا الروحي. أنت في حياتك العادية لا تأكل مرة واحدة في الأسبوع فقط، ولكن ثلاث مرات في اليوم إن أمكن، لكي تستطيع القيام بأعمالك اليومية.

تصور كيف يكون حالك لو تأكل مرة واحدة في الأسبوع كله. ربما لا تموت فوراً، بل تكون هزيلاً وتصبح بين الحياة اوالموت وأنت على الفراش. هكذا الحياة الروحية أيضاً، لا يستطيع المسيحي أن ينمو في المحبة والإيمان والرجاء إلا إذا تناول يومياً الغذاء الروحي بالشكر، وتعمق متواضعاً في الإنجيل، وتعلم كلمة الله وحفظها كما قال الرب يسوع: »لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللّهِ« (لوقا 4:4).

إن كان لديك كتاب الإنجيل المقدس فلا تضعه على الرف وتتركه والغبار يتكدس عليه، بل مدّ يدك وتناوله ليكون موضوع اهتمامك وتأملاتك. وإن كنت شاباً فاحفظ فقرات طويلة غيباً، واملأ قلبك بكلمة الله، لأن الله القدوس يكلمك مباشرة في كلمته المقدسة.

كان أحد رجال الله مضطراً أن يدخل المستشفى، لأجل عملية جراحية خطيرة. وبعدما صلى لأجل أقربائه، والممرضات، أعطوه مخدراً، وقاموا بالعملية الناجحة. وبينما الإنسان تحت تأثير المخدر، يتكلم أحياناً بالأمور الشخصية عنده في الشعور الباطني. فهذا الرجل تكلم أيضاً ولكن بآيات من الكتاب المقدس في غيبوبته. فليس في شعوره الباطني إلا كلام الله.

فلو أنت في هذه الحالة ماذا تتكلم؟ هل شعورك الباطني أيضاً ممتلئ بالإنجيل؟ فمن فضلة القلب يتكلم اللسان.

والشرك للامتلاء بالروح القدس هو قراءة الكتاب المقدس باستمرار، والصلاة. ليست هذه الوصية واجباً عليك، بل امتيازاً مباركاً. وكما أن المحب لا يشبع أو يمل من حبيبه، هكذا بالمعنى الروحي يشتاق المؤمن إلى كلمة الله، ويحبها ويعيش منها، ولا يقدر أن يستمر بدونها أو يستغني عنها.

فإن أردت النمو في الحياة الروحية فادرس الإنجيل والتوراة باستمرار لأن الله يكلمك فيهما مباشرة.

أيها الأخ المؤمن تقو في الرب وفي شدة قوته، اقبل فكرة المحبة العملية في حياتك ومارسها في محيطك فتنكر نفسك ولا تغرق في مشاعر العواطف بشأن عائلتك بل ترى وتكتشف الإنسان المحتاج إلى عونك بجانبك وتخدمه بفرح الرب. فالمؤمن الناضج يرى قدوته في المسيح القائل: »أَنَّ ابْنَ الْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ« (متى 20:28).

هل أدركت عمق الحقيقة العجيبة أن المسيح لم يطلب من الناس مالاً لخدماته المتنوعة بل خدمهم ليلاً نهاراً وضحى بنفسه لأجل فداء الضالين. فالتضحية المستمرة لأجل غير المستحقين أصبحت شعاراً لأتباع يسوع. لا ينتظرون يد المساعدة من قبل الآخرين بل يقدمون لهم بدافع المحبة خدماتهم قولاً وعملاً.

إحدى الخدمات الملهمة من الروح القدس لأتباع المسيح هي تقديم بشرى الخلاص إلى الهالكين. القلب الممتلئ بالفرح والشكر لا يستطيع أن يصمت بل يتكلم ويشهد بما حدث كما اعترف مقدام الرسل بطرس أمام المجمع الديني الذي أمرهم بالسكوت وعدم المناداة باسم يسوع فجاوبهم بكل مجاهرة: »لَا يُمْكِنُنَا أَنْ لَا نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا« (أعمال الرسل 4:20).

كيف تستطيع النوم براحة وأنت عارف أن زملاءك وأقرباءك هالكون في غضب الله؟ وأنهم أموات في الذنوب والخطايا ولا تبشرهم؟ فنور الله ومحبة المسيح الموضوعة في قلبك تدفعك لتفسر لقريبك وزميلك شخصية الرب المسيح لكي يؤمن أيضاً به ولا يهلك.

اشترى طالب في مدرسة ثانوية في الدار البيضاء بعد إيمانه بالسيد المسيح خمسة وثلاثين كتاب عهد جديد ليسلم لكل طالب من صفه نسخة. الروح القدس يدفعنا إلى الشهادة، لأن المسيح أعلن لتلاميذه: »سَتَنَالُونَ قُّوَةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً« (أعمال الرسل 1:8).

ربما تختبر سريعاً أن ليس كل إنسان مستعداً أن يسمع لإنجيل الله، لأن كثيرين يرفضون المصلوب ويبغضون الصليب ولا يعرفون ماذا يفعلون. فلا يبقى لك إلا طريقان لتقرب لهم خلاص الله: الصلاة المستمرة لأجل العصاة وخدمة المحبة بصمت. في أكبر بلاد العالم وهي الصين كان الإيمان بيسوع لمدة طويلة ممنوعاً رسمياً. ولكن المؤمنين كسبوا للمسيح، بالصمت العامل وبالخدمات الصبورة، كثيرين من الملحدين الذين شعروا أن قوة غريبة ومحبة مستمرة ورجاء يقين تعمل في المسيحيين. فشهادة المؤمنين بالمسيح ليست وقفاً على الكلام فإن الروح القدس يتكلم بسيرة حياتهم بأوضح بيان.

وطالبة طب في القاهرة كتبت إلينا تقول: لا أستطيع أن أتكلم في البيت عن إيماني الجديد، لأني بنت، وأسرتي متمسكة بدين الجدود. فصلوا من أجلي لكي أعيش حياة مقدسة وأقوم بكل خدمة متواضعة في البيت بدون تذمر، لكي يشعر أعضاء عائلتي تلقائياً أن الروح القدس يعمل بمحبته في ضعفي. وهذا ما قاله الرب يسوع لتلاميذه: »أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ« (متى 5:14 و16).

فهل أدركت أن روح المسيح يزينك بأجمل الثمار الإلهية كما كتب الرسول بولس إلى أهل غلاطية: »أَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلَامٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلَاحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ« (غلاطية 5:22 و23).

تأمل في كل عبارة من هذه الآية الذهبية واطلب بإلحاح ومواظبة من الله تحقيقها في حياتك فيمنحك البركات السماوية بغزارة. اشترك في السباق إلى ممارسة ثمار الروح القدس في أيامنا فتعيش مسروراً سعيداً. 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 2774